لا .. ما بي من علّة أو توحّش أو عقدة
صرخ الطفل بصمت يعلو كل الأصوات، صرخَت عيناه تَرقُب الجنة وتبصر جنهم والفتنة، سالت دموعه من غير حدود حتى بلّت وجهه و قميصه و سرواله و تلك البقعة، لكنه لا يلامُ على الموقفِ كإنعدامِ حقِّ لومِي على الجزع من الصدمة.
٣٠ سنة كانت مدة الحكاية، سجّل مطلعها تولّي غير البشر للسلطة، ارتبكت البلدة بتصدّر جزار الحي لبيت الحكمة، اشتدت المعيشة على أهل البلدة ... فقد هَوَتَ العملة مع صاحباتها من القيم المادية وبعدها المعنوية، أُحكِمت "عٌقدة الحكايةِ"ب٤٠ ألف روح بشرية!
ومضى العرب يتفرجون على ما ظنوه لعبة، فكل شيء لديهم لا يخرج من النطاق هذا، نطاق اللعبة عند اللاعبين أو المؤامرة للمشككين، فما زال البعض منهم متيقّن بأن البشر لم يصلوا لقمرٍ يومًا أو فضاء، بل صُوّر المشهد في صحراء بيضاء، تقبع في أرض خفية على الناظرين، في أحد بلاد "أولئك الفرنجة".
استمرت الحياة على أهل البلدة، بشكل بالكاد يطلق عليه مسمى حياة، حتى هَلَكَ "العاقد" وما انفكّت العقدة، خلف العاقد "عاقدًا" آخر أبله، تربّط وتصمّغ بكرسي السلطة، تأكد أن يعلنها "لا" عمريَّة، حيث لا يُنصَح الوالي ولا تَخضَعُ للشعبِ الدولة، كل هذا بدعوى "الدكترة" والخبرة!
وفي سنة فردية ميلادية، تسربت للأنفس العربية، روح علوية، فجرّت بها نفوس ربيعية، ملّت تزييف الإنتخاب، ومن مواقف الحكومات تجاه الشعب من التخوين والإرتياب، فأعلنتها إنتفاضة ! أعلنتها ثورة ! ولكنها روح علوية فلا مكان للإعتداء بين جنبيها، فكانت حقًا ثورة يمنية تونسية مصريّة ليبيّة عربيّة إسلاميّة إنسانيّة، كانت -وما زالت- ثورة سلمية!
تسربت روح الثورة إلى وجدان أطفال شعبٍ أبيٍّ يوحي وضعه باليأس وفقدان الأمل، نعم إلى أطفال شعب حكايتنا ... شعب تلك البلدة!
خرج أطفال من درعة، يهتفون بما يرون في التلفاز من نشيد الثورة، الشعب يريد إسقاط النظام، غير مبالين بتاريخ البلدة، غير واعيين به أصلًا، وببراءتهم افتتحوا فك العقدة!
جابهت قوات الأثد.. عذرًا، قوات الأسد قوات أطفال درعة، فانتصر الأطفال! حيث أمسوا في جنات الخلد عند العزيز المقتدر، الذي بقدرته عن طريق هؤلاء الأطفال لم يعد للخضوع والذل والسكوت معنى لأهل بلدة سوريا!
قام الشعب السوري رافضًا تعذيب الأطفال، ضائقًا بتولي الحيوانات زمام البلد، ففرحت الشعوب العربية والمسلمة لهبّته، ودعت الله النصر والتمكين له، ولكن بقِيَت قطعة ناقصة، قطعة تكمل صورةَ دورةِ إنتصار أهل بلدتنا، ألا وهي قطعة التحرّك الرسمي من قبل الحكومات العربية، التحرك لنصرة بكاء طفل هذه الحكاية، فلا والله لا ألومه على بكائه على شهدائه وشهدائنا.
بل من وحي هذا الضغط على الشعب السوري والعزلة، و من وحي تفجّر شعب العرب وتفرج دولة ... فزعي يأتي، فزعي يلعن كل خائن مع القدرة.
فكلّا .. ما بي من علّة بل العلّة فيمن لا يحرك فيه الوضع ولوشعرة، وما بي من توحّش فالوحش هناك "رئيسًا" يسمّي نفسه ، وما بي من عقدة فعقدي كلّها حلّت مع ربيع الثورة!