الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

دوافع وسلوكيات

"شاهد الناس بتفهّم لدوافعهم واحكم على نفسك بمخرجاتها (أفعالها) ثم دوافعها"

تُبنى المجتمعات البشرية الصحية على إتفاق -ولو ضمني- بين أعضائها وأفرادها ... ويكون هذا الإتفاق في أفضل صورِه وأكثرها عمليّة مع إرتفا ثع نسبة السلوك الأخلاقي السوي تجاه الآخرين .. وأقصد بذلك ممارسة الصدق و العدل والرحمة وغيرها .. ويكون ذاك السلوك عندما يتفهم أحدنا موقف الآخر وحالته عند صدور خطأ منه أو تصرّف غريب ... فإستحضار وتخيّل حالة المخطئ النفسية و الإجتماعية عند إساءته تبطل العجب من موقفه ... وحينها تكون ردود أفعالنا أكثر حكمةً

بناءً على هذه الفكرة ... عند معرفتنا لنسبيّة حالتنا النفسية والإجتماعية والعقلية والجسدية في لحظة معينة ووضع تأثيرها على قرارنا اللحظي في عين الإعتبار ... فإننا نستطيع "الإرتقاء" فوق هذه وضع-الحالة-الراهنية وبذلك تصدر منّا تصرّفات أكثر حكمة و إستبصار … بقدر ما كان هذا الإرتقاء بقدر ما كان الإنسان أقدر على التحكم … حينها تكون الذات قابلة للفعل ... وحينها تظهر قيمة ذات هذا الإنسان

عند مراقبة الشخص لحالته النفسية بإستمرار وملاحظة النوازع السلوكية المتكررة ... يستطيع حينها مراجعة وإصلاح ذاته هو المنتجة لهذه النوازع ... وتسهل له حينها عملية الإرتقاء أكثر وأكثر

محسن :)

الأحد، 1 أبريل 2012

لست مجنونًا !!

لا .. ما بي من علّة أو توحّش أو عقدة


صرخ الطفل بصمت يعلو كل الأصوات، صرخَت عيناه تَرقُب الجنة وتبصر جنهم والفتنة، سالت دموعه من غير حدود حتى بلّت وجهه و قميصه و سرواله و تلك البقعة، لكنه لا يلامُ على الموقفِ كإنعدامِ حقِّ لومِي على الجزع من الصدمة.


٣٠ سنة كانت مدة الحكاية، سجّل مطلعها تولّي غير البشر للسلطة، ارتبكت البلدة بتصدّر جزار الحي لبيت الحكمة، اشتدت المعيشة على أهل البلدة ... فقد هَوَتَ العملة مع صاحباتها من القيم المادية وبعدها المعنوية، أُحكِمت "عٌقدة الحكايةِ"ب٤٠ ألف روح بشرية!


ومضى العرب يتفرجون على ما ظنوه لعبة، فكل شيء لديهم لا يخرج من النطاق هذا، نطاق اللعبة عند اللاعبين أو المؤامرة للمشككين، فما زال البعض منهم متيقّن بأن البشر لم يصلوا لقمرٍ يومًا أو فضاء، بل صُوّر المشهد في صحراء بيضاء، تقبع في أرض خفية على الناظرين، في أحد بلاد "أولئك الفرنجة".


استمرت الحياة على أهل البلدة، بشكل بالكاد يطلق عليه مسمى حياة، حتى هَلَكَ "العاقد" وما انفكّت العقدة، خلف العاقد "عاقدًا" آخر أبله، تربّط وتصمّغ بكرسي السلطة، تأكد أن يعلنها "لا" عمريَّة، حيث لا يُنصَح الوالي ولا تَخضَعُ للشعبِ الدولة، كل هذا بدعوى "الدكترة" والخبرة!


وفي سنة فردية ميلادية، تسربت للأنفس العربية، روح علوية، فجرّت بها نفوس ربيعية، ملّت تزييف الإنتخاب، ومن مواقف الحكومات تجاه الشعب من التخوين والإرتياب، فأعلنتها إنتفاضة ! أعلنتها ثورة ! ولكنها روح علوية فلا مكان للإعتداء بين جنبيها، فكانت حقًا ثورة يمنية تونسية مصريّة ليبيّة عربيّة إسلاميّة إنسانيّة، كانت -وما زالت- ثورة سلمية!


تسربت روح الثورة إلى وجدان أطفال شعبٍ أبيٍّ يوحي وضعه باليأس وفقدان الأمل، نعم إلى أطفال شعب حكايتنا ... شعب تلك البلدة!


خرج أطفال من درعة، يهتفون بما يرون في التلفاز من نشيد الثورة، الشعب يريد إسقاط النظام، غير مبالين بتاريخ البلدة، غير واعيين به أصلًا، وببراءتهم افتتحوا فك العقدة!


جابهت قوات الأثد.. عذرًا، قوات الأسد قوات أطفال درعة، فانتصر الأطفال! حيث أمسوا في جنات الخلد عند العزيز المقتدر، الذي بقدرته عن طريق هؤلاء الأطفال لم يعد للخضوع والذل والسكوت معنى لأهل بلدة سوريا!


قام الشعب السوري رافضًا تعذيب الأطفال، ضائقًا بتولي الحيوانات زمام البلد، ففرحت الشعوب العربية والمسلمة لهبّته، ودعت الله النصر والتمكين له، ولكن بقِيَت قطعة ناقصة، قطعة تكمل صورةَ دورةِ إنتصار أهل بلدتنا، ألا وهي قطعة التحرّك الرسمي من قبل الحكومات العربية، التحرك لنصرة بكاء طفل هذه الحكاية، فلا والله لا ألومه على بكائه على شهدائه وشهدائنا.


بل من وحي هذا الضغط على الشعب السوري والعزلة، و من وحي تفجّر شعب العرب وتفرج دولة ... فزعي يأتي، فزعي يلعن كل خائن مع القدرة.


فكلّا .. ما بي من علّة بل العلّة فيمن لا يحرك فيه الوضع ولوشعرة، وما بي من توحّش فالوحش هناك "رئيسًا" يسمّي نفسه ، وما بي من عقدة فعقدي كلّها حلّت مع ربيع الثورة!

السبت، 3 مارس 2012

تحليلات في الهواء

يعد فصل المنطلقات الذاتية في البحث العلمي أحد أهم أساسيات سبيل الوصول إلى المعلومة الموضوعية ، والتي من خلاله تم بناء شكل المجتمع المدني الحديث كما أظنه
كان ذلك في البداية ...

وبسببه أعطيت ممكنات الإنسان حريتها في الإنطلاق والإبداع ، فتفجرت الطاقات الإنسانية في العلوم الطبيعية ، ومن خلال تلك العلوم فقد سُمِح للإنسان بإتقان محسّنات الحياة من تنقل وإتصال و أدوات ،بمعنى أن الإنسان قد قام
بإتقان عالم الوسائل في عالم أشيائه ...

فاستمر الإنسان في تفجير طاقاته حتى غدت فعاليته في البحث جزءًا من يومه وليلته ، فدخولها في سلّم أولوياته من خلال كونها منطلق فكرته من خلال فكرة البحث العلمي فقد أدى ذلك
لاكتساب الطرق العملية كعادات ...

ومع تكدّس الوسائل والأدوات تم بتزامن تأخر بقدر كبير لمناقشة موضوعية وجود الإنسان مقارنةً بالعلوم الموضوعية للأشياء من حول الإنسان ، فوجد المرؤ نفسه متعدد الوسائل لهدف غامض أو معدوم ، فوضع أول ما قابله كجدوى لموضوعية وجوده وذلك هو الإستمتاع ، فغدت
المتعة كمعيار للجدوى ...

استمر العيش لأجل المتعة هدفًا مضطردًا في بشر المدنية الحديثة قوية الوسائل ضحلت الأهداف ، فطغت نزعة الإستمتاع في قيادة الفرد -مع وجود عفوية عالية باقية لديه- حتى أن إتخاذ القرارت على المستوى الشخصي قد غدى مترتبًا على المقدار المتوقع للإستمتاع من وراء كل خيار مالم يتعارض مع العادات العملية ، وبذلك طغت
نزعة المشاعر كمرشد شخصي ...

بهذه المعايير المعاشة في مجتمع كهذا ، توصل بعض الأوفياء بأن العيش لخدمة ما اتضح لهم كالمبدأ الأوّلي من مبادئ الحالة الأفضل -وهي ذاك الشكل للمجتمع المدني- وهو مبدأ البحث العلمي هو العمل الأنبل والأخيَر ، فاتّبعوا طرق البحث العلمي في إبعاد المنطلقات الذاتية والمشاعر من حياتهم وبذلك أصبح
الطيِّبينَ بلا مشاعر بسبب طيبتهم ...

وفي هكذا وضع ، تم إقصاء مبدأ العطاء كمبدأ "صحيح" كمعيار لإختيار الأنفع ، وغدت نزعة المشاعر هي المعيار للوصول للخيار الأنفع ، ولكنّي لا أنفي وجود المعطائون في صورة المجتمع المدني ، ولكنّي أفسّر عطاءهم بأن حسن بيئتهم التربوية -أو عوامل أخرى- جعلت
إرضاء الذات يكمن في العطاء ...

وبسبب عدم توفر هذه الصفة لدى الجميع فإن محصّلة العطاء الناتجة من المجتمع ككل تعتبر قليلة بقدر الإمكانيات المختزنة عند هذا الشكل من العملي من أشكال المجتمع ، فأمكن بوضوح - ولن أتطرق هنا للأثر الإجتماعي السلبي للنزعة الإستمتاعية -
قياس قلّة محصّلة الفائدة المستخلصة مقارنة بالكامنة ...

ولكن يجب الإنتباه أني لا أقارن هنا بين شكل هذا المجتمع وباقي أشكال مجتمعات العالم -وخصوصًا مجتمعنا- فهو أفضل بكثير كوضع إنساني من بقية أشكال المجتمعات - وأقصد في الدنيا ليس في مصيره الأخروي- ، أُرجع ذلك لوجود إمكانية إرتفاع متفجر لمحصلة الفائدة إن أصلح نقطة الهدف فقد إجتاز مشكلة العادات ، والتي يأخذ إكتسابها الكثير من الوقت أو عزيمة جبّارة ، مع عدم دخوله في متاهات أخرى -نسبيًا- تعقد وضعيّة فكره المجتمعي لإنطلاقه من أمور عقلية
فأبقى على بعض من العفوية الإنسانية ...

في النهاية أظن أن ما يستطيع أن يجمع بين الفعالية العملية والأهم من ذلك الهدف الموضوعي من وجود الإنسان وهو مساعدة أخيه الإنسان والعطاء بدون هدف إرضاء الذات هو الإيمان بوجود الخالق الأعلى الحكيم العادل الغير محدود، من ليس كمثله شيء، هكذا يبدو الحث على العطاء وإنهاء"العطاء إرضاءً للذات" نتيجة
لما أظنه السبب البديل الأصلح للإنسان وهو رغبته بالتقرب للمطلق ...

وبدون ذلك لن يبقى وضع "آخر ما توصلت إليه البشرية" من أشكال المجتمع -وهو المدني حاليًا- كما هو إنما ستزداد فيه النزعة الإستمتاعية -ولعدم جدواها فعلًا في ملئ الفراغ التي تحاول ملؤه فإنها ستظل تحاول لضياعها عن البديل الأنفع حقًا- ، وأما عندما تدخل البشرية في ما يمحو عنها عفويتها من مشكلات فكرية تترسب فإنها ستنحط لما دون مستواها الحالي وهذا ما أظن المآل إذا استمرت فكرة
البشر بلا إله ...