قد يتبادر في الذهن تساؤل قائل : كيف لا أندم (تعديل : آسى ) وانا خطأي أكثر من صوابي ؟
فالخطأ يتم الإعتذار عنه ولا يتم الندم (تعديل : الأسى ) عليه
***
فلم الندم (تعديل : الأسى ) ؟؟
والخطأ طبيعة بشرية ...
ولا معصوم إلا إن كان نبيًا من الأنبياء ، فهو مما يميز العقل البشري ومما يشير إلى حاجته وإفتقاره للقوة العظمى التي هي أقوى منه وأقدر ، ويقصد بذلك قوة القوي سبحانه والحاجة إلى عبادته وعبودية الإنسان له
***
ولم الندم (تعديل : الأسى ) ؟؟
والخطأ درس ...
ففي جانب الاعمال مثلًا ، ما يخطئ به الإنسان ويخسر فيه مالًأ لا يعود لتكرار هذا الخطأ أبدًا يصبح درس يُحفر في عقله وخبراته
***
ولم الندم (تعديل : الأسى ) ؟؟
وخوفك من الخطأ في جانب العلاقات يجعلك تحسن الخلق، كما أنه إذا عُفي عنه زاد في قوة العلاقة ...
فأصعب الأخطاء إعتذارًا عنها -مع قبول العذر- هو الخطأ في حق الآخرين ... فإن كانت الأخطاء اليومية أكثر من الصواب فحاول ألا تجعلها أبدّا في حق البشر ... ولذلك فانا أسعى متمنيًا ألا أخطئ في حق أحد أبدًا فأطبق بذلك صفة الإحترام وهي من أسمى الأخلاق التي أتى لتعزيزها المصطفى صلى الله عليه وسلم في تصرفاته وأخلاقه و مشيرًا إلى ذلك في قوله
( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )
رواه مسلم
فالإحترام و الإبتعاد عن النقاش في ذوات الأشخاص وحسن الظن يبعدك عن الوقوع في الخطأ بحق الناس وهو ما أفهمه من قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث
( لا تَبَاغَضُوا ، وَلا تَحَاسَدُوا ، وَلا تَدَابَرُوا ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا ، وَلا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ )
رواه البخاري
***
ولم الندم (تعديل : الأسى ) ؟؟
وفي الخطأ الاجر ...
أما الخطأ في حق العظيم جل جلاله وتقدست أسمائه قد أشير إلى حله وأنه سنة بشرية مطلوبة لكي نتوب إلى ربنا فيتوب علينا وذلك في الحديث القائل :(كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابين ) رواه الترمذي ، وغيره من الأدلة التي تشير أننا لو لم نكن نخطئ لاستبدلنا ربنا سبحانه وتعالى بقوم يخطؤن ثم يتوبون فيتوب عليهم
***
ومن هذا المُنطلق سأكتب بعضًا من أخطائي التي [لا] أندم (تعديل : أسى ) عليها والتي أعتذر عنها ها هنا لعدم إعتذاري عنها مسبقًا ...
الأول
- قد كنت سُرقت في الـ١٢ من عمري في أحد شوراع حارتنا المملوحة .. فما تم سرقته مني عبارة عن بوك بداخل ثروة في عمري تقدر بـ٤٠٠ ريال !! ... وأول جهاز جوّال لي قد كنت قد وضعتهم بنفس الجيب مع مفتاح البيت
خطأي يبدأ بعد عودتي من البيت ... حيث كنت أندم (تعديل : أسى ) على ذهاب هذه الثروات فقررت أن أرسم قصة خرافية حتى لا يلومني أحد ... هربًا نفسيًا مني عن الحقيقة
فكانت القصة :"وقفت سيارة بجانب بيت في الشارع الضيق الذي كنت أسير فيه فحسبت أنها وقفت لذات البيت واكملت المسير وهي قريبة من يساري ... فتح الباب و[بسرعة خاطفة] مدت يد إلى جيبي الأيسر -ذو الكنوز- وسحبت جميعها مع مفتاح البيت الذي سقط بحبله الأزرق -حركات متوسطة- الطويل المربوط في مداليته خفت على المفتاح وانه سيستخدم لدخول بيتنا فنزلت وسحبت الحبل الازرق -حامد الله على وجود هذا الحبل- ورفعت رأسي وإذا بصاحب السيارة [الطويل الأسود اللون ذو العيون الحمراء] قد وضع يده على كتفي الأيمن وقد رأيت بطرف عيني أربعة في السيارة اما عن هذا الطويل فهو بجانب السائق، وبحركة لا شعورية أكملت بإتساق حركة يدي التي سحب المفتاح من الأرض وابعدت يده عن كتفي بيد وضربته [كف] بالأخرى ثم هربت وانا اسمعه يقول تعال خذ الباقي ويضحك فرددت عليه وانا اهرب خل الباقي لك يا *** ، ثم صرخت بأعلى صوتي لكي لا يلحق بي فمن خوفهم أن يراهم أحد رجعوا إلى الخلف ولم يسيروا إلى الامام إلى جهتي وذهبوا" - تمت
أما الحقيقة فهي "وقفت سيارة في وسط الطريق الضيق المتجه إلى بيتنا ، وقد كنت أسير بطيب نية معاي "آيس تشوكلت" من قهوة قريبة فُتحت في الحارة ، كان الوقت بين الساعة ١٢ إلى ١ مساءً ، توقفت السيارة خلفي قليلًا ، نزل شخص أطول مني بقليل ، عيناه حمراوتان قد رافقه من بابه كمية دخان غريبة وناداني قائلًا : تعرف البيت الفلاني ؟ قد كنت قد عدت إليه ووقفت على مسافة ليست بالقريبة مرتاب فيه وانا اقول لأ ... وهو يقول تعال لم أنت بعيد وهو يتحدث ويتقدم وفجأة قفز ودخل يده في جيبي الأيمن - ذو الكنوز - وسحب كل شي وسقط المفتاح فعدت بضع خطوات إلى الوراء مصعوقًا مما حدث غير مستوعب الحادثة والسبب ومسقطًا ما كان في يدي من مشروب ، ترددت أأهرب أم ماذا وقد نزل السائق الذي يبدو أكبر قليلًا ، لم أعلم ماذا أفعل لبعض أجزاء من الثانية ركزت عيني على المفتاح -بسبب نفس الخوف المروي سابقًا - قفز و سحبت المفتاح ولذت بالفرار وانا ارجف واركض ، ناداني : تعال خذ الباقي ، فلم أنبس ببنت شفة من الخوف والصعقة غير مستوعب لعمل كهذا من أي إنسان يعيش خارج نطاق الأفلام ، فقد كنت مسالمًا طيلت عمري ، لم أرى خطأ صارخًا كهذا أمام عيني أبدًا -فلم تكن لي الخبرة- ، ركبوا السيارة وساروا إلى الأمام بجنبي غير متوقفين وضحكاتهم تعلو ... " - تمت
كانت الحقيقة تخجلني ، مع صغر كثير من التفاصيل ، ولكن الملاحظة تفسر سبب تبريري للآخرين ، حيث قاومت ولو بكف وشتيمة ولم أدع أغلى ما املك ماديًا يذهب في مهب الريح بدون "قتال"، فأظهر أنني لم أكن ذلك الخائف الجبان في ذهني.
خطأي هو إستمراري في الكذب برواية القصة ذات النسخة البطولية ، فهنا أعلن خطأي واستغفر الله عليه
***
الثاني
- وهو أعظم في نظري من الاول فقد كان خطأ في حق أحد الزملاء عندما كنّا في الثالثة من المرحلة المتوسطة -١٥ سنة - ، حيث كان يوم الثلاثاء من أحد الأسابيع الأخيرة في آخر حصة كانت لمادة فقه لاستاذ قصير القامة كان قد أنهى المنهج وكان يتمتع بحسن الخط العربي ، كانت سطوح طاولاتنا من الخشب المشمّع التي يمكن الكتابة عليه بقلم السبورة ثم مسحه ، فكان يكتب للطلبة أسماؤهم وبعض الكلمات التي يطلبون منه إياها وهم متجمعين حوله ، حيث لا يستطيع رؤية الجدار الخلفي للفصل ، حيث كان على رف السبورة مجموعة من أقلام السبورة المختلفة الألوان ، أخذها بعض الطلبة وكتبوا على الجدار الخلفي للفصل كل ما جاء في بالهم من العبارات والشتائم أحيانًا ، قد شاركت في كتابة "عيارة" لأحد طلاب الفصل محمًلًا بروح المراهقة وحب الخطر ، حيث كان الوكيل المشرف علينا شديد العقاب ، وخرجنا من الفصل نتفاخر ونضحك.
حدث وأن كان اليوم التالي حيث عدنا من المدرسة واتصل بي الزميل المذكور - كما أذكر - وتكلمنا عن من كتب وماذا كتبوا وقلت له ، لقد كتبت العبارة الفلانية والفلانية وذلك من ضمن حديثنا ، دخل الوكيل المذكور يوم السبت -الذي غبته تهربًا من العقاب بعد أن علمت أنه أتى وسأل عمن كتبوا في آخر حصة من يوم الأربعاء التي لم أحضرها - فكرر سؤاله عن أسماء الذين كتبوا في الجدران ، فلم يجبه أحد بالطبع ، فأقام أحد الطلبة وقال له هل تعرف من كتب قال نعم قال قل من هم قال لا فقال له لأنك لست برجل ، فثارت رجولة المراهق زميلي وقال بل رجل وأعرفهم فهم فلان وفلان وفلان .. وعدد اسماءنا ، وبلغني زميل آخر أنه الوكيل يطلبني يوم الأحد ، ذهبت له وتوعّد لنا بخصم كمية هائلة من الدرجات وإحتمالية الطرد وذلك غير العقاب بالضرب على الايدي ، أنكرت أني شاركت فأتى بالشاهد وذكر ما ذكر فأنكرت واستمر الانكار ، ولعدم وجود دليل آخر لم يتم عقابي ، وبذلك قطعت علاقتي مع ذلك الزميل !! - يا للبجاحة - معنفًا إياه بأنه كذّب علي - وانا غاضب أنه لم يحفظ ما اعتبرته سرًا لي - ، لم يكن هذا هو الخطأ الرئيسي ، إنما خطأي إستمراري على هذا الموضوع حتى فترة قريبة. -تمت
فما أسوأ المكابرة ، وأعوذ بالله منها ، وها هنا أعتذر لصديقي مرة أخرى لما حدث واتمنى أن يسماحني.
لا أندم (تعديل : أسى ) على تلك الحادثة لأنها علمتني بقيمة الصدق وبقيمة الحق العام
قد لا أكون في سن أحاسب عليه في وقت تلكما الحادثتين ، إنما الخطأ في بقية عمري الذي لم أبين بوضوح خطأي بل استمريت عليه
هاتان هما من بعض أخطائي التي لم أعدل عنها وأنا هنا أفعل
أخيرًا فأنا أفعل ذلك
إبتغاء مني لمرضاة الله أولًا
و لكي أعيش حياة بلا ندم (تعديل : آسى ) ...
أعتذر عن الإطالة
دمتم بخير :]
و لكن لا تنس يا صديق ... الندم شرط لقبول التوبة ...
ردحذفلا تندم الا على معصية فعلتها او طاعة ضييعتها ..
لربما أخطأت الصياغة إذا ... حيث ان الندم شرط لقبول التوبة وبذلك تكتمل صورة
ردحذفالذنب ثم الندم وعدم العودة له فقبول التوبة برحمه الله --- فلا آسى على ذلك
ولربما كان من الأفضل أن يكون العنوان لا للأسى ... ولعلي سأفعل
أشكرك :]
اولا، احب اقول اني مروق :)
ردحذفاثنين، اشكر صراحتك في طرحك للمواضيع ، لهذا كنت صريح معك في اول نقطة :)=
ثلاثة، اشكر اللرائع ماجد - اللي ودنا نتشرف و نشوفه يوما ما- على نصيحته.
اربعة، لدي بعض الاسئلة نشغل فيها مخنا مع بعض! اتمنى ما تحس انها فلسفة، و لكن نصيحة لرائع ماجد ذكرتني بها :)
هل الندم شرط ثابت من شروط التوبة؟ هل وضعه الرسول صلى الله عليه و سلم ام العلماء؟ هل هناك حديث صحيح يسنده ام ان كل الاحاديث التي تذكر النم و التوبة ضعيفه؟ هل هناك اجماع من العلماء على شروط التوبة الاربعة او الثلاثة؟
هل الندم و البكاء على الاطلال و التألم من الماضي امر ممدوح ام مذموم من ناحية نفسية؟ و اذا نعم في ماذا نعم و في ماذا لا؟
هل نتذكر الماضي لنتألم ام نتعلم؟
اذا لست مروق مثلي :)))) لتجاوب على الأسئلة، حصل وقت فاضي و اتصل علي عشان اكلمك براحتي.
و شكرا